من العيدية بالنقود إلى الفيديوهات على تيك توك: الرحلة المؤثرة لعيد الفطر من جيل إلى جيل

عيد الفطر، العيد الذي يرمز إلى نهاية شهر رمضان، كان منذ الأزل عيد الفرح، الرحمة، والمجتمع. لكن مع مرور السنين، يبدو أن جزءًا من جوهره، الذي كان طبيعيًا وواضحًا للأجيال السابقة، يشهد تغيرًا عميقًا – ليس فقط من حيث المظهر، بل من حيث المضمون أيضًا.
في الماضي، كانت أيام التحضير للعيد ترافقها مشاعر حميمية من الترقب. لم تكن الشوارع مزدانة بأضواء LED ملوّنة، لكنها كانت تعجّ بأجواء التضامن والتآزر. كانت العائلات تشتري ملابس للعيد – ليست بالضرورة جديدة، ولكن دائمًا محترمة – وغالبًا من الأسواق المحلية، حيث كانت رائحة العطور تختلط بأصوات الباعة وضحكات الأطفال. وكانت النساء تبذل جهدًا في إعداد أطباق تقليدية بأيديهن، وتنقلن الوصفات من جيل إلى جيل.
أما "العيدية" – تلك الهدية الرمزية التي يحصل عليها الأطفال من الكبار – فلم تكن مجرد مسألة مادية. بل كانت تعبيرًا عن المحبة، والاهتمام، واستمرارية الروابط العائلية. كان الأطفال ينتقلون من بيت إلى آخر – بيوت الأجداد، الأعمام والجيران – وكل زيارة كانت تترافق بمصافحة دافئة، كلمة طيبة، وأحيانًا حفنة من الحلوى المغلفة.
أما اليوم، فقد تغير نمط العيد. الجيل الجديد يتعرض لمفاهيم "الستايل"، والتوثيق، والمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي منذ سن مبكرة، وللكثيرين أصبح عيد الفطر أيضًا عرضًا للأزياء وحفلة محتوى رقمي. الملابس تُطلب مسبقًا من الإنترنت، وجلسات التصوير أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تحضيرات العيد، والمعايدات تُرسل عبر تطبيقات الرسائل الفورية مصحوبة بالرموز التعبيرية، وصور متحركة، وفيديوهات.
حتى "العيدية" تحولت إلى صيغة رقمية، تُرسل عبر تطبيقات الدفع، بينما تقلّصت التفاعلات المباشرة – تلك اللحظة التي تجمع النظرة، والكلمة، والعناق. المسألة ليست تقنية فقط، بل تُعبّر عن رؤية جديدة للعالم، تُفضل الظهور والمشاركة الفورية على التجربة العائلية الهادئة والخاصة.
ومع ذلك، ليست هذه بالضرورة ظاهرة سلبية. كثير من الشباب يرون في العيد فرصة للتعبير عن أنفسهم بطريقتهم الخاصة، للاحتفال بشكل إبداعي، والجمع بين القيم التقليدية وأسلوب الحياة العصري. وقد انتقلت احتفالات العيد أيضًا إلى الفضاء الرقمي، مُشكّلة مجتمعات جديدة، متصلة عبر الشاشات ولكنها مدفوعة بالرغبة في الفرح، والمشاركة، والاحتفال الجماعي.
ومع ذلك، ومع تعاظم مظاهر الحداثة، يطرح السؤال نفسه: هل خسرنا شيئًا من البساطة والدفء الذي ميّز العيد على مر الأجيال؟ هل سيتذكر جيل المستقبل طعم الكعك المنزلي، أم فقط فلاتر إنستغرام؟
عيد الفطر لا يزال حاضرًا، لكنه بات بوجه مختلف. وفي خضم هذا التغير، من المفيد أن نتوقف للحظة ونسأل أنفسنا: ماذا نريد أن ننقل للجيل القادم؟ الصورة المثالية من الاستوديو؟ أم رائحة مطبخ الأم، وعناق الجدة، وضحكات الأطفال في الشارع؟
ربما تكون الإجابة في النهاية في الدمج – أن ندمج بين القديم والجديد، بين التقاليد والشبكات، ونحافظ على القلب النابض للعيد: الرحمة، القرب، المجتمع، والفرح الصادق، ليس فقط خارجيًا – بل من الداخل أيضًا.