الجميع يشتري، الجميع يطبخ – لكن من المستفيد الحقيقي من رمضان؟

إلى جانب الروحانية، الصلاة والصيام، يُعتبر رمضان أيضًا فترة استهلاك متزايدة، وثقافة ضيافة غنية، وفرصة اقتصادية – وأحيانًا تحدٍّ – لملايين العائلات والأعمال التجارية حول العالم. لكن ماذا يحدث حقًا خلف الكواليس الاقتصادية لهذا الشهر الفضيل؟
المصاريف ترتفع – والجيب يشعر بالضغط
رغم أن رمضان هو شهر للزهد والصيام، إلا أن الواقع الاقتصادي يحكي قصة مختلفة: في معظم الدول الإسلامية، يُسجّل ارتفاع حاد في الاستهلاك – وخاصة في مجال الطعام، الملابس، الهدايا والأجهزة الكهربائية.
في استطلاعات أجريت خلال السنوات الأخيرة في دول مثل مصر، الأردن وتركيا – أكثر من 60٪ من العائلات أفادت بأنها تنفق في هذا الشهر أكثر من أي شهر آخر.
وفي إسرائيل، تسجّل قطاعات الاستهلاك في المجتمع العربي ارتفاعات مماثلة. تشير سلاسل التسويق إلى زيادة عشرات النسب المئوية في شراء اللحوم، الحلويات، المشروبات، التمور والفواكه المجففة – إلى جانب شراء الملابس والهدايا استعدادًا لعيد الفطر.
الأسواق تنبض بالحياة – لكن العائلات الضعيفة تعاني
كل مساء، قبيل موعد الإفطار، تمتلئ الأسواق: رائحة السمبوسك، الفطاير، الكُبة والحساء تملأ الأجواء، وكل كشك يبدو وكأنه دعوة لاحتفالٍ طهوي.
لكن خلف هذا الوفرة، هناك عائلات كثيرة تجد صعوبة في تغطية المصاريف. ففي هذه الفترة التي يُفترض أن تكون روحية، يعاني الكثيرون من ضغوط مالية، ديون وضغوط نفسية.
كما تفيد الجمعيات الخيرية بارتفاع ملحوظ في الطلبات للحصول على سلال غذائية – خاصة قبيل نهاية الشهر وتوزيع زكاة الفطر.
محرك للنمو – خصوصًا للمصالح الصغيرة
رغم الصعوبات، يُعد رمضان أيضًا فرصة لأصحاب المصالح – وخصوصًا في مجالات الطعام، الأزياء والتجزئة.
كثيرون يُعدّون حملات خاصة، يمددون ساعات العمل، ويكيّفون الخدمات مع أجواء الشهر: توصيل وجبات إفطار، قوائم طعام تقليدية في المطاعم، ومساحات نشاط مخصصة للأطفال.
هناك أيضًا صناعات تزدهر تحديدًا في الليل – مثل محلات الحلويات الشرقية، محلات الملابس التقليدية، وصناعة المناسبات التي تنظم وجبات إفطار جماعية ونشاطات ثقافية.
الصدقة كقيمة اقتصادية واجتماعية
من السمات البارزة في رمضان هو التركيز على الصدقة ومساعدة الآخرين.
يقوم العديد من المسلمين بدفع الزكاة (جزء من المال أو نسبة من الدخل)، وتقوم جمعيات خيرية ومبادرات أهلية بتوزيع الطعام، الملابس والهدايا على المحتاجين.
بعيدًا عن القيمة الدينية، تخلق الصدقة في رمضان أمواج تضامن، شعور بالانتماء وتخفيف التوترات الاجتماعية – ولو بشكل مؤقت.
فمن الرابح الحقيقي من رمضان؟
الجواب مركّب: من جهة – المستهلكون يدفعون أكثر، العائلات تعاني من ضغوط، والفجوات الاجتماعية واضحة. من جهة أخرى – تزدهر المصالح المحلية، وتعمل مؤسسات الصدقة بكامل طاقتها، ويعيش المجتمع لحظات نادرة من الروح الجماعية.
ߓ في رمضان، المال يتدفق – لكن كذلك الرحمة.