المحكمة ترفض دعوى ملكية على 50 ألف دونم في النقب

المحكمة المركزية في بئر السبع قبلت موقف الدولة ورفضت دعوى ملكية على مساحات شاسعة في جنوب البلاد، والتي استندت إلى ادعاء منح عثماني تاريخي. القاضي: "لا يوجد أساس لادعاء الاحتيال، والدعوى سقطت بالتقادم"
send whatsapp messsage send FB messsage
المحكمة ترفض دعوى ملكية على 50 ألف دونم في النقب

أصدرت المحكمة المركزية في بئر السبع مؤخرًا حكمًا يقضي برفض دعوى قدمتها عائلة الراحل محمد يوسف صوفي وأبناؤه، والتي طالبت بالاعتراف بملكيتهم على ما يقارب 50 ألف دونم في جنوب البلاد.

الخلفية التاريخية للدعوى

ادعى المدّعون أن الأرض مُنحت كهدية من قبل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (الذي حكم بين 1876-1909) إلى زعيم القبائل البدوية في النقب، حمد باشا الصوفي، الذي قام بتسجيلها باسم أبنائه. ووفقًا للعائلة، فقد استولت الدولة لاحقًا على الأرض وسجلتها باسمها في الثمانينات من القرن الماضي ضمن إجراءات تسوية عقارية "غير قانونية"، على حد زعمهم، حيث تم إخفاء حقوقهم خلال العملية.

رد الدولة والدفاع القانوني

قدمت الدولة، ممثلة بالمحامية طوفا بوخرس من نيابة لواء الجنوب (مدني)، دفاعًا قانونيًا أكدت فيه أن الدعوى سقطت بالتقادم، حيث لم يقم المدّعون بأي إجراءات قانونية لسنوات طويلة، ولم يقدموا أي دليل موثق على ملكيتهم للأرض.

كما شددت الدولة على عدم وجود أي وثائق رسمية عثمانية تؤكد ادعاء الهبة التاريخية، مشيرة إلى أن عملية التسوية العقارية تمت بشكل قانوني وسليم.

المحكمة: "لم يتم إثبات الملكية، والدعوى مرفوضة"

بعد مراجعة القضية، أصدر القاضي يعقوب دنان حكمه برفض الدعوى، مؤكدًا أن المدّعين لم يتمكنوا من إثبات ملكيتهم للأرض. كما أشار إلى إخفاقات قانونية جوهرية في الدعوى، من بينها غياب أدلة على سلسلة نقل الملكية، عدم تقديم إثباتات واضحة لحدود الأراضي المتنازع عليها، وادعاءات الاحتيال غير المدعمة بالبينات.

وأوضح القاضي أن القانون يحمي تسوية الأراضي المسجلة بشكل رسمي، وأن أي اعتراض على إجراءات التسوية يجب أن يتم خلال فترة زمنية محددة، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.

التقادم وأهمية تقديم الطعون في الوقت المناسب

أكدت المحكمة على مبدأ نهائية التسجيل العقاري، حيث لا يمكن الطعن في إجراءات التسوية بعد مرور فترة طويلة على انتهائها. كما شدد القاضي على أن إجراءات التسوية كانت علنية، وكان بإمكان المدّعين أو ورثتهم تقديم اعتراضات في وقتها، لكنهم لم يفعلوا ذلك.

رفض ادعاءات الاحتيال ضد الدولة

رفضت المحكمة أيضًا ادعاء المدّعين بأن الدولة تصرفت بخداع أو تزوير، حيث لم يتم تقديم أي دليل يثبت أن تسجيل الأراضي تم بوسائل غير قانونية. وأوضح القاضي أن حتى الأخطاء الإدارية أو الإهمال من قبل موظفي التسوية لا تعتبر دليلاً كافيًا لادعاء الاحتيال.

كما أشار القاضي إلى أن المستندات التي قدمها المدّعون لا تثبت أن الأرض قد نُقلت إليهم قانونيًا أو أنهم ورثة شرعيون لحمد باشا الصوفي، موضحًا أن ادعاءاتهم تستند إلى روايات تاريخية عائلية غير مدعمة بأدلة قانونية.

إلزام المدّعين بدفع تكاليف المحكمة

في ختام الحكم، رفضت المحكمة الدعوى بشكل قاطع وألزمت المدّعين بدفع تكاليف المحكمة بقيمة 30,000 شيكل.

تأثير الحكم على النزاعات العقارية في النقب

يُعتبر هذا الحكم جزءًا من سلسلة قرارات قضائية على المستوى المركزي والعليا التي ترفض دعاوى الملكية التاريخية على أراضي النقب، وتعزز أهمية التقادم القانوني وضرورة تقديم الأدلة القانونية القاطعة عند المطالبة بملكية الأراضي.

كما يؤكد القرار على أن التسجيل الرسمي للأراضي في الدولة يتمتع بالقوة القانونية، وأن من يدّعي ملكية أراضٍ يجب أن يتخذ خطوات قانونية في الوقت المناسب، وليس بعد مرور عقود على انتهاء إجراءات التسوية.