هزّة في نيابة لواء الجنوب: المدّعي البارز أفيف دمري يترك منصبه بعد 16 عامًا ويفتتح مكتبًا مستقلاً في بئر السبع
تعيش المنظومة القضائية في جنوب البلاد هزّة حقيقية: فقد أعلن المحامي أفيف دمري، أحد ركائز نيابة لواء الجنوب – القسم الجنائي، والذي تولّى خلال السنوات الماضية إدارة بعض أبرز الملفات وأكثرها تعقيدًا في الدولة، عن استقالته من منصبه بعد 16 عامًا في الخدمة العامة، وافتتاح مكتب محاماة مستقل في بئر السبع.
يُعدّ دمري في السنوات الأخيرة واحدًا من أبرز وكلاء النيابة في الجنوب، وشخصية مركزية في مواجهة الجريمة الخطيرة في المنطقة. ولذلك، يُنظر إلى خروجه من النيابة كخطوة لافتة تتجاوز كونها تغييرًا شخصيًا، وقد تترك أثرًا على عمل جهاز إنفاذ القانون بأكمله في الجنوب.
دمري، ابن مدينة بئر السبع، وُلد وترعرع في أحياء فقيرة في المدينة. بدأ مسيرته المهنية في النيابة قبل أكثر من عشرين عامًا، وبفضل مهنيته العالية التي لا تساوم، واجتهاده المستمر، وقدراته القانونية المميزة، تقدّم مع الوقت حتى وصل إلى منصب مدّعٍ كبير في نيابة لواء الجنوب.
على مدار سنوات عمله، قاد دمري ملفات جنائية تُعدّ من بين الأهم والأكثر تعقيدًا في الدولة، وترك بصمة واضحة في ساحة القضاء، وفي عمل الشرطة وأجهزة إنفاذ القانون في الجنوب.
من أبرز الملفات التي أدارها:
• قضية قتل نيفين الأعمراني – ملف سابقة قُدّمت فيه لائحة اتهام بتهمة القتل رغم عدم العثور على جثمان الضحية حتى اليوم.
• قضية قتل مارغريتا ليفي – قضية أُعيد فتحها وحُلّت بعد نحو عشرين عامًا، بفضل نتائج جديدة لفحوص DNA متقدّمة.
• قضية قتل يام بوحبوت في إيلات – ملف أثار أسئلة معقّدة حول موضوع الدفاع عن النفس، وحظي بتغطية إعلامية واسعة على مستوى الدولة.
إلى جانب هذه الملفات، عالج دمري خلال سنوات عمله آلاف الملفات الأخرى: من قضايا قتل خطيرة، مرورًا بملفات جرائم جنسية وسلاح ومخدرات، وصولًا إلى حوادث طرق قاتلة، وقضايا أُديرت فيها تحقيقات حساسة شملت تشغيل وكلاء سريين.
ورغم قائمة الملفات الثقيلة والإنجازات المهنية، اكتسب دمري سمعة خاصة بفضل نزاهته واستعداده للوقوف إلى جانب الحقيقة، حتى في الحالات التي لم يكن ذلك يصبّ في مصلحة النيابة.
فعلى سبيل المثال، في عام 2021 أمر من تلقاء نفسه بإلغاء لائحة اتهام في قضية اغتصاب، بعد أن اكتشف دليلًا يبرّئ المتهم وينسف الأساس الذي بُني عليه الملف. وكذلك، في عام 2022 أمر بإلغاء لائحة اتهام خطيرة في قضية قتل في بلدة تل السبع، بعد ظهور أدلة جديدة غيّرت الصورة الكاملة للقضية.
وفي بيانه الرسمي قال المحامي أفيف دمري:
"بعد 16 عامًا في الخدمة العامة، التي أدرت خلالها آلاف الملفات، قررت أن أبدأ طريقًا جديدة. أنا فخور بالسنوات التي خدمت فيها الجمهور من خلال عملي في النيابة، لكن اليوم حان الوقت لتحدٍّ مهني وشخصي جديد. مكتب المحاماة الذي سأفتحه في بئر السبع سيقدّم تمثيلًا قانونيًا بمستوى مهني رفيع، مع التزام كامل تجاه الزبائن وسعي حقيقي لتحقيق العدالة".
انتقال دمري إلى القطاع الخاص من المتوقع أن يؤثّر على خريطة التمثيل القانوني في الجنوب، خصوصًا في القضايا الجنائية الثقيلة والمعقّدة. وقد أثارت هذه الخطوة اهتمامًا كبيرًا في أوساط المحامين، وجهات إنفاذ القانون، وحتى في أوساط سياسيين محليين في النقب، مع تقديرات تشير إلى أن مكتب دمري قد يتحوّل إلى عنوان مركزي في الملفات الجنائية الحساسة في بئر السبع ومختلف مناطق الجنوب.






















